د. خالد فهد الحارثي
يا ترى، كيف يقاس تطور الأمم؟.. لا شك أن الشباب هو العنصر الفارق في التقويم. تجارب شهدناها ولا نزال نشهدها بلورت نموذجا لافتا في التعاطي مع ملف الشباب. ولعل إمارة مكة في نهجها الفريد أسست طرحا غير مألوف في احتواء قضية الشباب ومحاولة تحقيق تطلعاتهم، وفي هذا السياق لا يختلف اثنان على أهمية مشاركة الشباب في التنمية، والجميع يطالب بإعطائهم فرصة أكبر وتطويرهم، ولكن من يتابع عن قرب هذه التصريحات والمطالبات يشعر أن قضية الشباب تراوح مكانها؛ لأن كل المشاريع والتوصيات لم تتحول إلى واقع ملموس، بل معظمها تدور في نطاق العمل الفردي، ولم نشهد مشروعا مؤسسيا ينهض بالشباب ويعزز مشاركتهم التنموية.
في تقديري، نقطة البداية أن نعرف من هم الشباب؟ لأن هناك لغطا في التعريف الإجرائي، ولكن استنادا إلى تعريف الأمم المتحدة: الشباب مرحلة عمرية تبدأ بعد انتهاء مرحلة الطفولة والمراهقة وتنتهي في أواخر السنة الرابعة والعشرين، وبناء على هذا التعريف ففي السعودية تفوق نسبة الشباب 60 في المائة من مجموع السكان، علما بأن السعودية تحتل المرتبة الثانية عالميا من حيث التناسل، والمرتبة الأولى عربيا من حيث نسبة الزيادة في عدد السكان. ومن هنا يتضح أهمية المشاركة الشبابية وتفاعلهم ليس فقط عبر وسائل الإعلام، ولكن المشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات أو تنفيذ الخطط والبرامج، ويكون ذلك عبر مؤسسات وقوانين تمكنهم من أن يمارسوا من خلالها حقوقهم، وأن تكفل لهم أن يشتركوا مع غيرهم بكل ما يستطيعون من فكر وعمل وإبداع. كما من الضروري إزالة كل المعوقات التي تكون حاجزا أمام مشاركة الشباب، سواء أكانت اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية أو غيرها.
وفي تقديري، تعتبر إمارة منطقة مكة المكرمة النموذج المثالي في التعاطي مع ملف الشباب، من حيث التفاعل والحوار، ولعل ملتقى الشباب الذي تنظمه إمارة منطقة المكرمة، ويشارك فيه 550 ألف شاب وشابه في 34 مسابقة و120 فعالية توعوية لإيصال رسالة «الشعور بالمسؤولية واحترام النظام» أكبر دليل على دور الإمارة الرائد في التعاطي مع ملف الشباب، وسر الريادة يكمن في روح وحرص أمير الشباب خالد الفيصل الذي تشعر عندما تقترب منه أن الشباب قضيته، ولعل تكريم سموه كالشخصية الأولى العربية الداعمة لقضايا الشباب شهادة على ذلك. ولذا لم تعد قضية الشباب هاجسا طالما أن لديك إرادة صانع قرار قادر.. لكن ــ يا ترى ــ هل لدينا إدارة جهات حكومية قادرة؟
* رئيس مركز أرك للدراسات والاستشارات