لا يدخل الجنة قتات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-( لا يدخل الجنة قتات
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6056
خلاصة حكم المحدث: [صحيح])
النميمة من أقبح الخصال، لأنها مشتملة على الغيبة، وهو ذكر غائب سواء يتعلق بخَلْقه أو خُلُقه أو تكلم بكلام نقله عنه، على جهة الإفساد بينه وبين غيره، كمن يقول مثلا في رجل، يذكر رجلا بصفاته لزوجته إنه كذا وكذا، فيغتابه ويفسد ما بينه وبين زوجته، وهو بهذا جمع بين الغيبة والنميمة،
وفي اللفظ الآخر( لا يدخل الجنة نمام )،
الراوي: حذيفة بن اليمان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 105
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذا الوعيد، وأنه يكون بهذا الوصف قد أتى أمرا محرما، وهي محرمة بالإجماع، ، فالنميمة مع أنها صدق حرُمت والكذب مع أنه خلاف الواقع جاز بل شُرِع في بعض الأحوال؛ لأجل الإصلاح.
انظر إلى قصد الشارع كيف أجاز الكذب بل شرعه في بعض الأحوال لأجل الإصلاح،
وحرم النميمة وهي صدق، لأن فيها إفسادا وتفرقة بين المتحابين،
فالمقصود أن النميمة مفاسدها كثيرة، ولا يستهان بها، وإذا رأيت وعلمت أن إنسانا نماما، ونقل حديثا فلا يجوز لك أن تصدقه، ويجب عليك أن تنكر عليه، ولا يجوز لك أن تسيء الظن بمن نقل عنك، واعلم أنه وإن كان صادقا لكنه أعدى لك من الحية الرقطاء، وأعدى لك من أعدى الأعداء الذين ربما لا تعرفهم، أو من نقل عنك الحديث، والذي نقل إليك سوف ينقل عنك، والذي يريد في زعمه أن يبلغك هذا الكلام وكأنه يهديك هدية، فاعلم أنه عدو وأنه ،وقلبه قلب ذئب، وهذا واقع.
وقصة محصلها أن رجلا أراد أن يشتري مملوكا فجاء إلى السوق يريد أن يشتري، فوجد مملوكا معروضا للبيع فاستامه وسأل عنه وعن صفاته، فقال له صاحبه الذي يبيعه فأثنى عليه ومدحه في قوته وجده في العمل ونشاطه، قال0 لكن فيه خصلة واحدة، ما هي قال0 إنه نمام يحب النميمة، قال0 هذه النميمة أمرها سهل، أهم شيء أنه يعمل، ولا يتوانى، قال0 أبدًا في العمل عن جماعة، فأخذه واستهان بأمر النميمة.
فيذكر أن زوجة ذلك الرجل الذي اشتراه بعدما جاء عنده البيت كان زوجها لا يميل إليها وربما رغب عنها، فقال لها ذاك النمام، أو هذا المملوك- تريدين أن يميل إليك وأن تكون محبته لك في قلبه، ولا يقدم عليك في حبه أي شيء من أهله وأولاده قالت- نعم هذا الذي أسعى عليه، قال0 ائتيني بشعرات من لحيته، وهو نائم، قالت- نعم. وهذه المسكينة انخدعت بهذا.
بعد ذلك ذهب إلى زوجها، فقال- إن زوجتك قد تمالأت هذه الليلة مع نسوة أنهن سوف يغتالونك ويقتلونك. سمع الكلام لم يصدق ولم يكذب ، فجاء زوجها بجوارها وجعل يتناوم أمامها، ينظر زوجته ظنت أنه قد استغرق وقد نام، فجاءت بالموس لأجل أن تأخذ شعرات بناء على وصية هذا المملوك، وهو يشاهدها وهي لا تشعر، فلما رآها قد جاءت بالموس قال0 جاء ك الموت صدق ذاك، فأخذها فخنقها، ثم جاء أهُلها، فقالوا لأهله سلموه لنا، فامتنعوا فثاروا وتقاتلوا.
فمفاسد النميمة كثيرة، تفسد بين القبائل، تفسد ما بين الجيران بل ما بين الوالد وأولاده، والوالدة وأولادها، ولهذا كثير من الناس يُصغي ويسمع، وربما خرَّبت النميمة بيوتا كانت عامرة، وكان فيها شيء من الأنس، لكن جاء إنسان مفسد ويعلم أن فيها شيئا من الخلاف فاستغله.
وليست كل البيوت تبنى على الحب؛ ولهذا العاقل يبنيها على الإسلام والإحسان، إن لم يحصل الحب سعى إلى بنائها على الإيمان والإسلام والإحسان، ومن أحسن النية وأخلصها، فإن المحبة طريق قريب لمن كانت نيته أن يبنيها على الإسلام والإحسان والمعروف والصلة،
كما يقول عمر رضي الله عنه. ولهذا شرع- الكذب - فيها إذا كان لقصد الإصلاح في الأمور المعروفة.
ومفاسد النميمة هي من الكبائر بإجماع أهل العلم.